كوبا الجزيرة المحاصرة الحُرّة الأبيّة

تابعنا على:   12:27 2023-09-25

السفير منجد صالح

أمد/ دون شك وبلا تردّد ولا اطالة ولا انتظار ولا تأجيل، وبكل ثقةٍ وعزمٍ واصرار ومحبّة واعتزاز وتبجيل اقول واعيد وازيد من الشعر ومن النثر بيتا وبيتين وثلاثة ابيات، بان كوبا عزيزة عليّ جدّا جدّا،

واجرؤ ان اقول انها عزيزة على كل فلسطيني وعلى كلّ حُرّ في هذا العالم المُترامي الاطراف، قديمه وجديده.

وقد نالت كوبا هذه المكانة الوجدانية والحقيقيّة وفازت بها لدى شعوب العالم والعديد من دوله وحكوماته نتيجة وانعكاسا لادائها واداء شعبها العظيم المقدام المعطاء، على مستوى القارة الامريكية وعلى مستوى قارات العالم قاطبة.

جزيرة صغيرة بامكانيات ذاتية متواضعة، في فم الحوت، في خليج المكسيك تجاور الولايات المتحدة الامريكية، وتسنطيع ان تصمد كل هذه السنوات، بعد ثورة مظفّرة قادها فيدل كاسترو والتشي غيفارا وانتصرت عام 1958 .

كانت قبل الثورة مُنتجعا للامريكيين الشماليين، يسرحون ويمرحون فيها بكل صفاقة وغطرسة واستعلاء واستغلال إلى درجة أن مجموعة من المارينز الامريكيين السكارى تسلّقوا ذات ليلة تمثال خوسية مارتي، بطل كوبا القومي في العاصمة هافانا، وبالوا عليه، بنفس الطريقة والعقلية والعنجهية التي تبوّلوا فيها على اجساد المواطنين العراقيين المدنيين الذين اعدمونهم مجانا والتقطوا لفعلتهم الدنيئة صورا تذكارية!!!!.

"امريكا هي الطاعون والطاعون امريكا"، كما يقول شاعرنا محمود درويش في رائعته الملحميّة "مديح الظل العالي".

لكن كوبا وبعد انتصار ثورتها اصبحت حصنا منيعا وشوكة في حلق الولايات المتحدة الامريكية.

لهذا قامت "بلاد العم سام" بفرض حصار خانق على الجزيرة منذ عام 1958 وما زال الحصار قائما حتى يومنا هذا.

جنّدت امريكا مجموعات من المرتزقة وسلّحتها ودرّبتها وارسلتها إلى كوبا لاجهاض ثورتها مباشرة بعد انتصارها، لكن الجيش الثوري الكوبي الفتي وتحالفه مع الشعب الكوبي الثوري استطاعوا هزيمة المرتزقة في معركة "خليج الخنازير" وساقوا معظم المرتزقة اسرى إلى هافانا.

لكن امريكا استمرّت بالتحرّش واستفزاز الثورة الفتيّة، مما دفع حكومة كوبا الثوريّة للاستعانة بالاتحاد السوفييتي، حيث نصب الاتحاد السوفييتي في عهد خروشوف صواريخا نووية متوسطة المدى، مما تسبب في ازمة دبلوماسية ما بين الولايات المتحدة من جهة وبين الاتحاد السوفييت وكوبا من جهة اخرى.

لكن جزيرة كوبا الحرّة الابيّة صمدت كلّ هذه السنوات أمام الوحش الامريكي، وصنعت لها مكانا مميزا تحت الشمس وعلى خارطة العالم.

منذ انتصار الثورة قاد كوبا، نحو المجد والنصر والتطوّر والصمود، الزعيم فيدل كاسترو، صديق "ابو عمّار"، وصديق الشعب الفلسطيني وداعم وازن لقضيتنا العادلة. تبعه في رئاسة كوبا شقيقه راؤول كاسترو، الذي سار على نفس دربه، حتى القيادة الشابة الحاليّة للجزيرة المستقلّة ذات السيادة، ممثلة بالرئيس ميغيل ديّاز كانيل، ما زالوا يسيرون على نفس النهج الثوري.

سارت كوبا رغم الصعاب والمعيقات في طريق العلم والتعليم، فاصبحت واحدة من اهم دول العالم في مجال الطبّ والرياضة، والمساعدات الاممية والانسانية والطبيّة لدولٍ عديدة.

في هذه الايام القليلة المنصرمة كانت كوبا وعاصمتها هافانا محطّ انظار العالم، باستضافتها بكل نجاح واقتدار مؤتمر قمة ال 77 والصين.

حيث اعطى مجرّد اجتماعها في هافانا دفعا جديدا لهذه المجموعة الدولية الهامة وخاصة وقد مررنا قبل ايام على عتبات اجتماع البريكس في جنوب افريقيا.

هذان الاجتماعان الدوليّان الهامّان، عُقدا بالرغم من رغبة الولايات المتحدة الامريكية ومن تحت انفها وحلفائها التقليديين، يؤشّران دون لبس ولا مواربة بانّ العالم يتغيّر، وانّ امريكا لم تعد شرطي العالم والمُتحكّم الوحيد بمقدّراته، وانما يدخل نجم امريكا ومحورها في "خانة" الافول، في الوقت الذي تبزغ فيه نجوم اخرى ساطعة على راسها الصين وروسيا وجنوب افريقيا والبرازيل وجزيرة كوبا الحرّة الابيّة.

كلمات دلالية

اخر الأخبار