شقيقته في ضيافة "أمد"..

وديع الحوح.. فدائي سطر اسم الوطن بالدم على جدران "حوش العطعوط"

تابعنا على:   21:17 2023-01-15

أمد/ نابلس- صافيناز اللوح: بين طيات عمليات الاغتيال التي شهدتها شوارع مدينة نابلس لقتل شبان في عمر الورود أنهوا حياتهم بخوض معارك ضروس مع جيش الاحتلال ووحدات يمامه الخاصة، وأمام جيباته المصفحة، مسجلين أسماءهم بالدم في سجل الكفاح الفلسطيني.

وديع صبيح وديع الحوح 31 عاماً، تم اغتياله بتاريخ 25/10/2022 في حوش العطعوط بالبلدة القديمة في مدينة نابلس.

وديع الحوح كان أحد تجار السلاح الكبار بحسب ما تحدثت به شقيقته "آيات الحوح" مع "أمد للإعلام"، وهو رفيق الشهيد محمد العزيزي "أبو صالح".

وتضيف آيات شقيقة الحوح لـ"أمد"، أنّ شقيقها انضم إلى المقاومين بعد اتصالات عديدة من والدة الشهيد محمد العزيزي للانتقام لمؤسس عرين الأسود الذي تم اغتياله قبل فترة قصيرة من اغتيال الشهيد الحوح.

في حوش العطعوط بحارة الياسمينة، يتواجد منزل الشهيد الحوح ويعتبر أعلى شقة وسط البلدة القديمة، والذي فعل به وديع كما فعل العزيزي رفيق دربه، وقام بتحصين منزله بالكامل، وأغلق أسطح المنازل المجاورة له بالشوادر، منعاً من تصوير طائرات الاستطلاع، وقام بتركيب كاميرات مراقبة بمحيطه ولغمه بالعبوات الناسفة والمتفجرات بدقة عالية، وجهز الشباب  بشكل كبير وسلّمهم سلاح وأحضر مجموعة شبابية تقوم برصد ومتابعة نابلس ومداخلها، ومعرفة تحركات جيش الاحتلال وكشف القوات الخاصة التي ستدخل للبلدة القديمة، ومراقبة مداخلها وحارة الياسمينة، وبرواتب منه.

وبحسب أحد الفدائيين الذي تحدث عبر "أمد للإعلام" ونرفض الكشف عن اسمه للحفاظ على حياته، خطط وديع الحوح لعدد كبير من العمليات، ونفذ عرين الأسود عمليات اطلاق نار بطولية، قتل فيها عدد من جنود الاحتلال وأصيب آخرين، حيثُ بدأت وسائل الإعلام العبرية التحريض على العرين والمطلوبين انذاك، اتصالات وتهديدات بالقتل وصلت إلى قادته، حيثُ بدأت الوساطات في تلك الفترة تصل إلى الحوح، بأن ينضم عناصر عرين الأسود إلى أجهزة الأمن الفلسطينية للعمل بها مقابل تسليم سلاحهم وحمايتهم.

جاء وفد فلسطيني من أمريكا، قابل وديع الحوح في منزله بالبلدة القديمة، وطلبوا منه ذلك، لكنه رد عليهم قائلا: "اطلعوا أبو صالح العزيزي وعبود صبح من قبرهم واطلبوا منهم طلباتكم اذا وافقوا أنا بوافق"، وهنا انتهى اللقاء برفض وديع مطالب السلطة الفلسطينية والوفد المفاوض، واشتدت العمليات والاشتباكات مع جيش الاحتلال بقرار منه.

 اغتيال وديع الحوح.. 
بعد عدة أيام، وصلت معلومات للشهيد وديع الحوح، بتخطيط جيش الاحتلال لاغتياله وبمساندة عملاء يعرفون خطوات العرين، وفي يوم الـ(24/10)، طلب وديع من قادة العرين اجتماع فوري للتباحث، فاجتمعوا في منزله بحارة الياسمينة، وفي تمام الساعة العاشرة، سمع صوت اطلاق نار كثيف في ميدان نابلس، حيثُ اكتشف الأمن الفلسطيني قوة خاصة من جيش الاحتلال فأطلقوا النار تجاهها واشتبكوا معها ليستشهد اثنين من عناصر جهاز المخابرات وأصيب آخرين، وبدقائق عشرات الجيبات والجنود حاصروا البلدة القديمة خلال اجتماع قادة العرين، واشتبكوا معهم لأكثر من ٧ ساعات.

في تفاصيل مثيرة تكشف لأول مرة عبر "أمد"، روى الفدائي قائلاً، أنّ وديع علم بقرار دخول القوة قبل محاصرتها للبلدة القديمة وحينها طلب من مسلحي العرين الاستنفار، ولم يتوقعوا باستهداف طائرات الاحتلال خلال الاقتحام، وهي التي كانت سبباً في استشهاد وديع، مضيفاً أدخلت قوات الاحتلال طائرة درون تحمل قنابل مسممة وقنابل غاز إلى منزل وديع.

وتابع، تحصن وديع تحت جدار سميك "قوس" في منزله، ليحتمي من اطلاق النار من طائرات الاحتلال، ولكن الطائرات التفجيرية التي أدخلها جيش الاحتلال للمنزل انفجرت بهذا الحائط، فوقع على ظهر وديع، وكُسر ظهره وكتفه، بالإضافة إلى طائرة أخرى أطلقت قنابل غاز سام، فاستنشق وديع الغاز فيما استطاع المسلحين الآخرين من بينهم محمود البنا ومشعل البغدادي، الهروب من هذه القنابل لغرف أخرى بالمنزل، وعندما أصيب وديع قام الشهيد البغدادي بحمله على كتفه ووضعه أسفل "خزانة المطبخ"، وحينها أصيب البغدادي برصاصة من طائرات الاحتلال فقام أحد رفاقه بنقله إلى منزل مجاور وبصعوبة لكنه نجح، وهناك أجرى كافة المحاولات لنقله إلى المستشفى ونزف كثيراً ليعلن عن استشهاده في الصباح.

ويكمل الفدائي حديثه لـ"أمد"، في البداية كانت الاشتباكات من منزل وديع، وبعدما استطاع بعض قادة العرين الخروج اشتبكوا برفقة المسلحين مع قوات الاحتلال، الذي لم يقتحم المنزل نهائياً، فدارت الاشتباكات بمحيط البلدة القديمة فقط، ووديع استشهد في البداية بعد استنشاقه الغاز السام، ثم تم قصف المنزل بالصواريخ.

وعندما دخل المواطنون إلى منزل وديع أخرجوه ونقلوه إلى المستشفى، وأعلن استشهاده مرة واثنين وثلاثة، ويعود له النبض بين كليهما، وذلك بسبب الغاز الذي استنشقه من الطائرات المسيرة.

أخرج أهالي نابلس محمود البنا الذي أصيب باختناق شديد في اشتباك معركة وديع الحوح، وكبروا آنذاك ومن ثم حمل وديع على الأكتاف، وأعلنت الصحة حينها عن مجزرة ارتكبها جيش الفاشية اليهودية حيثُ استشهد 5 من المقاومين بينهم قائد عرين الأسود وديع الحوح وأصيب 40 مواطناً آخرين بجراحٍ متفاوتة.

تفكيك المتفجرات..
بعد عدة أيام، استطاعت السلطة الفلسطينية عن طريق هندسة المتفجرات التابعة لها، من تفكيك العبوات والمتفجرات التي زرعها الشهيد وديع الحوح بمحيط منزله لتحصينه.

توقف عمل العرين بعد استشهاد وديع الحوح، وتسليم غالبية قادته نفسهم وسلاحهم للأجهزة الأمنية نتيجة السرقة التي تعرضوا، واستمرت حالة هدوء المجموعة لفترة من الزمن، وتوقفت بيانات عرين الأسود التي كان يصيغها وديع الحوح، ، وبقي هادئاً والكثير قالوا "انتهى".

ولكن؛ عادت بيانات العرين بشكل متقطع، وبعد نحو شهر بتاريخ الثاني من ديسمبر لعام 2022 أصدر العرين بياناً نارياً أدان فيه جريمة إعدام الشهيد عمار مفلح، وطلب من نابلس وأهلها التكبير والخروج إلى الشوارع وإغلاق الطرق وإشعال الإطارات المطاطية رفضاً للجريمة، وبالفعل لبت نابلس النداء ونفذت أكثر من 10 عمليات اطلاق نار تجاه قوات الاحتلال في عدة حواجز ونقاط عسكرية، وبدعم من كتيبة جنين وبلاطة وقباطية وإرباك رام الله الليلي، وبهذا البيان أعاد العرين شيئاً قد فقدته نابلس، بعد اغتيال وديع الحوح.

كلمات دلالية

اخر الأخبار