هل تمكنت دولة الاحتلال من "تدجين" حراك الأسرى؟!

تابعنا على:   09:47 2021-09-18

أمد/ كتب حسن عصفور/ منذ سنوات لم تشهد الضفة الغربية حراكا شعبيا، كما الذي شهدته أيام ما بعد عملية "عبور نفق جلبوع الكبير" يوم السادس من سبتمبر، حراك فجر المخزون الثوري الذي تم حصاره بأشكال مختلفة، وبأدوات متعددة، حراك هو الأول الذي لم تتصادم خلاله "مصالح الناس" مع مصالح الفصائل، وكانت حركة فتح "زمبرك الفعل" الرئيسي.

والحديث عن الضفة هنا، كونها هي التي أصيبت بخمول طال أمده، لم تهزها معركة مايو التي هزت كل أرجاء المعمورة عداها، سوى يوم ذكرى النكبة الأكبر باغتصاب فلسطين، ودونها كان حاضرا شعبيا وعسكريا.

"حراك الأسرى" الأخير خلق حالة تفاعل شاملة بين كل مكونات الشعب الفلسطيني، داخل سجون العدو القومي وخارجها، وبدأ فخرا لأسرى عملية العبور ليجد صداه داخل المعتقلات بعد الإعلان عن "الاضراب الكبير" يوم الجمعة 17 سبتمبر، فتح "شهية" الشعب، وأعاد حراك دم المؤسسة الرسمية الفلسطينية، بل أن إعلامها كان الأبرز تغطية للخبر ومصدرا هاما له، وتفاعلت حركة فتح بشكل أعاد الثقة بأن محاولة "خطفها كفاحيا" لن تدوم.

ويبدو أن مؤسسات دولة الكيان، ما كان لها أن تحتمل كسر هيبتها سريعا مرة ثانية، بعد الانكسار الأهم منذ سنوات بعيدة، انكسار قابله افتخار فلسطيني بفعل بات الخبر الأهم رغم كل أحداث المعمورة، فذهبت بكل السبل كي لا تنفتح عليها "باب جهنم" جديد، وكانت فعلا متحركا وحقيقيا، وليس كما كانت لغة البلادة السائدة منذ زمن في الضفة والقدس، تعوضها بعض فصائل "العجز" بفتح معركة من قطاع غزة، ومع كل قيمتها لكنها لا تحرك حجرا في الضفة، ولذا سارعت مؤسسة الكيان كي تحاصر سريعا نواة "هبة غضب" قد تبدأ وتطول لتفرض واقعا جديدا.

وقبل انطلاق "اضراب الأسرى الكبير" في سجون المحتلين تحركت لتطويقه، بالتنازل عن بعض قضايا وليس كل القضايا، تنازل بدأ كأنه "انتصار"، وهو يحمل بعض من "الربح الآني"، رغم ما صاحبه من "كسر وحدة الموقف" بالاستفراد بالتفاوض بين طرفين وليس طرف واحد، اختارت فرض "انقسام" على التمثيل، ولم يكن وفدا موحدا، وبكل أسف وقع البعض في "الفخ الإسرائيلي"، ودون أن نقف على أبعاد ذلك، وبعضها حسبة حزبية صغيرة جدا، لكن الانقسام كان أول ربح للعدو في تلك المعركة.

احتواء دولة الكيان ومؤسساتها لبداية "حراك السجون"، انعكس سريعا جدا على الحراك الشعبي الذي شهدته غالبية مدن الضفة، وخاصة جنين ونابلس ورام الله، وكأن هناك من وضع "مخدرا في عروق حراك الناس" دون أن تنتهي المسألة التي كانت سببا في اطلاقه.

يجب التدقيق السريع فيما حدث، بأن جوهر الحراك الشعبي لم يكن مسألة ترتبط ببعض عقوبات فرضتها سلطة سجون العدو القومي، بل عموم قضية الأسرى، والتي صاحبها حراك سياسي – ديبلوماسي فاق جوهره التراجع عن بعض ما فرض على الأسرى ما بعد عملية عبور نفق جلبوع.

ربط الحراك الشعبي والسياسي بقضية العقوبات كان خطيئة وطنية ما يجب أن تكون، ولا بد من إعادة النظر بتطويقها، لتعود حراكا لوضع قضية الأسرى بكل جوانبها على طاولة الحل، بعد ان فتحت بابا عريضا من الاهتمام الدولي بها، لم يسبق حدوثه، بسبب قضية إنسانية وبطولة نادرة فرضها "أبطال كسر هيبة دولة الكيان الستة".

حراك الأسرى، هو القاطرة الكفاحية الأهم التي يمكنها خلق تفاعل غير مسبوق بين كل مكونات الشعب، وبعمق إقليمي ودولي، ربما يكون أكثر تأثيرا من قضايا غيرها في سياق الصراع...مسألة لا تتركوها تتوه وسط فقدان التركيز الوطني، وهي قادرة على حصار بعضا من "نكبة الانقسام"، وقبل كل ذلك تحاصر غطرسة حكومة الإرهاب السياسي في إسرائيل.

بعضا من "جدية سياسية" تمنح الفلسطيني فعلا يعيد مكانة القضية، التي تاهت في سراديب حسابات غير وطنية، وتضع عدونا القومي في نفق مظلم لن ينقذه سوى حرية شعب طال انتظارها.

ملاحظة: رحل رمزا من رموز الجزائر...رحل عبدالعزيز بوتفليقة السياسي الذي قدم مؤسس الكيانية الفلسطينية ياسر عرفات على منصة الأمم المتحدة 1974 لأول مرة ممثلا لفلسطين الثورة والقضية...سلاما لك وللجزائر نرفع قبضة ثائر وحطة فدائي!

تنويه خاص: مش غريب أن "المؤسسة الرسمية الفلسطينية" ومختلف فصائل العمل تجاهلت قضية اختيار "تايم" للأخوين الكرد ضمن غلافها...ممكن تشوفوا إعلام الكيان كيف يحتفي باختيار بينيت...وبلاش "غيرة بنت الجيران"!

اخر الأخبار